في بداية عملي بعيادتي الجديدة في عمارات " الشركة العالمية "
بمدينة الفسطاط الجديدة ،،
كانت هناك كلاب حراسة وولف معتبرة حجم الواحد منها في حجم الجحش تقريباً ،،
كانت ذكية وعنيفة جدا ضد الأغراب ،،
وفي غاية الاحساس والوداعة مع الاصدقاء أصحاب الوحدات في هذا المشروع
فهي تصر اصرارا رزيلاً على توديعي ومرافقتي من بوابة العمارة الى ان أنطلق بالسيارة هربا وفزعا ،،
~
على الرغم من ان هذه الكلاب كانت تعتبر من كلاب الطبقة الارستقراطية ،،
إلا أنها كانت تعيش في زمن العولمة ،، وتؤمن بمبادئها وتتفهم
قيم التعايش الانساني في كل زمان ومكان ،،
لذلك سرعان ما توثقت عُرى الصداقة بينها وبين الكلاب البلدية الأصيلة
الوافدة من عزبة " خير الله " التي تقع على بعد بضعة كيلومترات من المدينة ،،
وبذلك حصلت تلك الكلاب الخواجات على الجنسية المحلية ،،
وليس سراً ان الامر تطور في بعض الاحيان ليتحاوز حدود الصداقة
الى الاعجاب ،، فالحب ،، فالزواج !!
~
وصرت كل صباح اجد تشكيل عصابي من الكلاب الوولف والكلاب البلدي الضالة
ينبحون لتحيتي في سعادة لا لزوم لها ،،،
لفرط سعادتهم بحقوق المساواة والاخوة والعدالة الاجتماعية التي انتزعوها من هذا العالم الظالم
كانوا ينبحون طوال الوقت ،،
كما لو كانوا يخشون أن ينسون " الهوهوه " إذا توقفوا عن النباح ،،
~
لكن المفاجأة أني صحوت ذات يوم فلم أجد الكلاب الوولف ،،،
اختفت جميعاً ،، ولم اجد سوى الكلاب البلدي البائسة ،،
لم تكن تنبح ولا تركض بسعادة كعادتها ،،
كانت تجلس كتماثيل حزينة تم نصبها فوق حشيش احواض الحدائق الصغيرة
المحيطة بمدخل العمارة ،،
بدت صامتة منكسرة بعد ان قررت الشركة المحتالة المنفذة للمشروع سحب
كلاب الحراسة الوولف التي وعدت أصحاب الوحدات ببقائها للحراسة ،،
فقد ادت مهمتها في جذب عدد اكبر من السكان وتم حجز معظم الوحدات السكنية بالمشروع !!
~
ومازالت الكلاب البلدي المسكينة تنظر أليّ كلما رأتني متسائلة :
أين ذهب الأصدقاء؟؟!!
فأجيبها :
ذهبت حيث ذهبت الأمانة وشرف الكلمة .. !!!