07 Dec
07Dec

 صهبــــــــاء بندق 

معظمنا ليس لديه ادنى فكره عما يعنيه توفير الطاقة و كيفية تخزين الكثير من الطاقة وتوفيرها والاحتفاظ بها. إننا جميعاً مُستنفذون ومُستهلكون مثل خرطوشه القلم الفارغة . فنحن نستهلك انفسنا على نحو كامل طوال اليوم والليله ولا نحاول الاحتفاظ  بأي جزء من طاقتنا ، وحتى الكمية المتواضعة التي نوفرها اثناء النوم ليلاً ،نبدأ بصرفها واستهلاكها مباشره عقب القيام من السرير في الصباح. 

في الليل عندما نطفئ بطارية أجسامنا ونخلد الى النوم،  تتخزن لدينا بعض الطاقة، ولذلك قد نشعر بالصباح بعض النشاط. لكن بمجرد أن نستيقظ ، ينفتح الصنبور وتنسكب الطاقة.  يبدأ مسلسل استهلاك الطاقة مع فتح الفيس بوك أوقراءة جريدة  الصباح و الاستماع الى الراديو في السيارة.. وما أن نخرج من البيت،  حتى يكتمل الاستنزاف ، يستمر الصنبور في التقطير طوال الطريق من خلال فضول النظر يميناً ويساراً وكافة ألوان الضوضاء السمعية والبصرية التي تلتقطها حواسنا. يزيد معدل التدفق عندما نبدأ في الانخراط في الاحاديث التافهة والثرثرة مع زملاء الدراسة والعمل والجيران. لاتنس أن الشخصيات السلبية التي تمتص الكثير من طاقتنا متوفرة في كل مكان، وانها تدخل حياتنا بكل سهولة وتؤثر بنا دون أن نشعر. 

انت مثل معظمنا ، ليس لديك اي فكرة عن كمية الطاقة التي تنفقها وتصرفها عندما تركز عينيك وعندما تنظر الى شيء ما.  حتى عندما تطلب من اذنيك أن تستمع إلى شئ ما فانك تستهلك الطاقه ، بل أيضا عندما تفكر ، عندما تشعر ، خاصةً بالمشاعر السلبية ، فانك تحتاج إلى طاقة وكذلك عندما تتكلم فانت تستهلك الطاقة.   وهكذا يستمر خزان طاقتك في تسريب الطاقة حتى تصل المحطة الاخيرة التي تجرجر فيها أقدامك إلى السرير لتنام أخيرا  بعد أن أفرغت خزان طاقتك تماما .

و حتى في اثناء نومنا حيث يُفترض أننا نحتفظ بالطاقة، لان كل الانشطة الاخرى تتوقف ، فإننا نتفق جزء من الطاقة لاتمام العمليات الحيوية التي لا يجب أن تتوقف مثل التنفس والهضم وعمل الجهاز المناعي وغيرها ، في نومنا نصرف جزء من طاقتنا على الاقل على الاحلام. ذلك الجزء من الطاقة الذي يُنفق في وضعية النوم والسكون يسمى معدل الأيض الأساسي أو معدل الاستقلاب الأساسي ويعرف اختصارا ب BMR   . صحيح  ان ذلك الجزء من الطاقة كميته قليلة مقارنة بما يتطلبه أي نشاط صغير أثناء اليقظة والحركة،  إلا انه في النهاية يطرح أيضاً  من مجمل حصتنا من الطاقة يومياً .   وهكذا كل شيء تعمله مهما كان صغيراً فإنه يتطلب طاقة. 

☆☆☆☆

 الزومبي أو الكسالى ‏ هو مصطلح يُطلق على الجثة المتحركة التي أثارتها وسائل سحرية من الساحرات أو نتيجة حدوث خلل بالعقل وغالبا ما يطبق هذا المصطلح غير الحقيقي لوصف الشخص المنوم المجرد من الوعي الذاتي. تحتاج الصلاه الى قدر محترم من الطاقه الروحيه والنفسيه ، لو لم تقم بادخار جزء من طاقتك مسبقا قبل موعد الصلاة ، سوف تشرد في صلاتك سريعا وتجد نفسك تصلي على نحو آلي يشبه صلاة الزومبي. معظم المصلين يقولون انهم يسرحون بعد اول دقيقة من الصلاة وانهم تعبوا من محاولات التركيز والخشوع و استحضار الوعي أثناء الصلاة ، جزء منهم يستسلمون للأمر الواقع ويأملون أن يجبر الله قصورهم وان يتقبل صلاتهم على نقصها ، ويواظبون على صلواتهم في مواقيتها على أتم وجه من حيث الظاهر ، مطمئنين إلى كرم الله وكرمه الذي يحاسبنا على التقصير و يغفر القصور حين نعجز عن تأدية التكاليف بصورتها المثالية التامة مهما فعلنا    . 

والبعض الآخر  يحاول أن يبرر فيقول أن أفعال وحركات الصلاة المتكررة من الطبيعي أن توصل الذهن الى حالة من الاستسلام للروتين والرتابة. ولكن السبب ليس في طبيعة الصلاة  وانما السبب الحقيقي هو أنك تعيش تفاصيل يومك و طاقتك دائما على حد الاستنفاد. انت تنفق كل طاقتك النفسية والبدنية والروحية قبل أن تبدأ في الصلاة ، تصل الى أعتاب الصلاة بروح مُهلهلة وقلبٍ مُستهلك فلا تكاد تدخل فيها حتى تخرج منها  .


 كلما اعطيت استراحة لحواسك، ولمشاعرك اكثر كان ذلك أفضل للدخول في صلاة حية ملؤها الاحساس والتأمل ، كلما كان لديك هدوء اكثر كلما حافظت على طاقتك اكثر ، كلما أمكنك ان تستخدم هذه الطاقة في استحضار الخشوع  إلى صلاتك . والامر يستحق التدريب والمجاهدة ، فالمؤمن ينبغي  ألَّا يأتيَ الصَّلاةَ إلَّا وهو نشيط البدَنِ والقَلب حاضر الوعي والشعور يحمله الشوق إليها . والا فان صلاته التي لا يُصاحِبُها شُعور، سوف تُشبه في ظاهرها صلاة المُنافِقينَ الذين قال اللهُ تعالى فيهم: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}  (التوبة : ٩) انتبه إلى طاقتك الروحية والنفسية والبدنية ،  راقب أين تنفقها والا فانك ستنضب وتنفذ وتمضي عمرك في صلاة الزومبي !!

تم عمل هذا الموقع بواسطة