استخدم سكان واحة سيوة حجر الكرشيف الطيني في بناء منازل القلعة ؛ وهي أحجار ملحية من الجالوص (طوب حجري) الذى يوخذ من الارض المشبعة بالملح وطمي البحيرات المالحة وقت الصيف حيث تشتد الحرارة . وحين يجف الطين المُختلط بالملح وتتبخر منه المياه يصبح شبيهاً بالأسمنت في صلابته. وتستخدم مادة "الطفلة" للصق الأحجار، بعد خلطها بالرمال؛ الطين والملح والماء ولا اضافات أخرى. فيما " الكرشيف" هو المادة الاساسية لبناء البيوت في سيوة القديمة ؛ تُصنع الأسقف عادة من جذوع النخيل المتراصة ثم تُكسى بالابراش المصنوعة من سعف النخيل. أما الأبواب والنوافذ فكانت تُصنع من أخشاب شجر الزيتون والنخيل.
الأبواب والنوافذ مصنوعة من أخشاب شجر الزيتون والنخيل
تتشابه منازل السيويين في شالي، إذ لم تزد على طابقين في الغالب، وقد تزيد إلى عدة طوابق حسب عدد أفراد الأسرة المقيمة فيها، حيث يتكون الطابق الأول من حوش يلتف حوله بعض غرف التخزين، وغرف خاصة للفرن وحظيرة للدواب والمواشي، أما الطابق العلوي الذي يصعد له بسلم من الداخل، فيتكون دائماً من عدد من الغرف المخصصة للسكن .
لا يزال "الكرشيف" يستعمل في بناء بعض بيوت الواحة إلى اليوم. لكن نظراً لأن البيوت الكرشيفية تحتاج لصيانة سنوية، وبسبب ارتفاع منسوب المياه ؛ فقد ارتفع مؤخراً معدل البيوت الخرسانية بالواحة ما أدى إلى تراجع البناء التقليدي بالكرشيف. ومن المدهش حقاً أن بعض السكان المحليين مازالوا يعيشون في بيوتهم الخرسانية الجديدة إلى جوار أطلال بيوت الملح والطين التي كان أجدادهم يعيشون فيها قبل آﻵف السنين.
حيث تنسجم البيوت الكرشيفية مع الجو القاري للمكان، فهي دافئة في الشتاء وفي الصيف تكون رطبة. هذا فضلاً عن تأثير الملح علي طاقة الانسان ؛ إن صح القول بأن للملح دور هام في طرد الطاقات السلبية و تعزيز الطاقات الايجابية للفرد . فكيف اذا كانت حياة الإنسان داخل بيت مبني بالكامل من الملح ؟ّ! وكيف لو كانت حياته داخل مدينة بُنيت بالكامل من الملح وكانت تلك المدينة مصنفة انها من اكثر 9 مدن عزلة عن العالم تماما . ؟! هل يفسر ذلك لغز طاقة السلام والارتياح والسكينة التي يشعر بها كل من وطئت قدماه أرض سيوة ؟ أم هل تفسر طاقة الملح تلك طيبة وكرم وأريحية أهل سيوة وانتشار الأمن والطمأنينة بينهم ؛ إلى الحد الذي تبلغ فيه معدلات السرقة صفر !!
للعمارة في سيوة طابع خاص ومميز حيث تبنى المنازل التقليدية بحجر الكرشيف الذي يتكون من الملح والرمال الناعمة المختلطة بالطين.
نظراً لتميز هندسة البيوت السيوية ؛ وما تتمتع به واحة سيوة من موارد بيئية متنوعة ومختلفة تعبر عن التنوع البيولوجى والثقافي الذي يميزها ؛ فقد أُنشأت فيها فكرة الفندق البيئي ( الايكولودج ) ؛ وهي من المفاهيم الجديدة في عالم الفنادق ؛ تقوم فكرة الايكولودج على تخطيط وتنسيق وتصميم منشاة سياحية منسجمة مع السياق الطبيعي والثقافي للمنطقة المحيطة .
أحد أغرب الفنادق البيئية في العالم وليس في سيوة وحدها، فندق يحمل اسم أدرير أميلال ( AdrèreAmellal) .وهو فندق رملى يحتوي على 40 غرفة بها ديكور مستوحى من حياة سكان صحراء سيوة، تحيط به 7 بحيرات ملحية وأشجار زيتون على امتداد 25 كم . جدرانه المصنوعة من الطين والصخور الملحية، تمتص الحرارة في النهار ثم تعكسها في الليل لتمنح الدفئ،و يتميز الفندق بأشجار النخيل التي تمنح الظل لساحة الفندق المكشوفة . ولا توجد بالفندق كهرباء ولا هواتف في الغرف كما يمنع استخدام الهواتف النقالة في الأماكن العامة، وتستخدم الشموع والمشاعل فقط للإنارة ليلا.ويعد طهاة المطعم أكل النزلاء، باستخدام الطرق التقليدية والتي يعتمد فيها على الخضار الطبيعي المقطوف مباشرة من حديقة الفندق.يبحث الكثير من السواح الهاربون من ضجيج الحياة العصرية يجدون في هذا الفندق ملاذا يفصلهم عن عالمهم الصاخب، على غرار ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، وزوجته كاميلا، اللذين زارا أدرير أميلال في وقت سابق.
صور من فندق يحمل اسم أدرير أميلال ( AdrèreAmellal) أحد أغرب الفنادق البيئية في في سيوة والعالم.
تمثل الفنادق " شبه البيئية أو نصف البيئية " أيضاً في سيوة مصافحة أخرى – أقل تكلفة - بين الحاضر والماضي . حيث تجمع هذه المنتجعات المظهر الطبيعي للبيوت الكرشيفية من الخارج مع تصميم داخلي معاصر يضمن إقامة فاخرة ومريحة للسياح بتكلفة مادية أقل من الكلفة الباهظة للإقامة في الفنادق البيئية بالكامل التي لا يقدر عليها سوى الأثرياء . إنها بمثابة هدية للمهتمين بالطبيعة وفنون العمران التقليدي والعصري في الوقت ذاته. وفرصة للزائرين لتصور الحياة في شالي القديمة داخل بيوت الطين والملح ؛ والعودة للبساطة والطبيعة .العديد من هذه الفنادق والمنتجعات يحمل اسم " شالي " .
توفر هذه المنتجعات جدران الكرشيف والنوافذ والابواب المصنوعة من أشجار الزيتون ؛ وأشجار النخيل التي تنتشر في جميع أنحاء المنتجع ؛ وأحواض الاستحمام التي هي عبارة عن ينابيع طبيعية ساخنة مناسبة لعلاج بعض الأمراض الجلدية والروماتيزمية . فيما توفر الغرف الداخلية كافة وسائل الراحة والترفيه العصرية ؛ داخل الغرفة يعمل جهاز التكيّيف وجهاز التهوية على ضمان مناخ داخلي مريح. ومن ضمن التجهيزات المتوفرة في جميع الغرف أيضاً ميني بار وجهاز تلفاز مع قنوات فضائية. كما يمكن استخدام الدوش في الحمام . أن تعيش في بيت من الملح والطين ؛ مع لمحة من التكنولوجيا المعاصرة ؛ فتستمتع بلقاء الأصالة بالحداثة .. انها حقا تجربة غير عادية في حياتك على الاطلاق .
غرف المنتجع عبارة عن بيوت على طراز بيوت الكرشيف التقليدية في سيوة.
الإقامة في منتجع شالي ؛ تجربة ساعدتني على تقدير فنون العمارة الصحراوية بأشكالها المختلفة وفهم العلاقة الوثيقة بين الفن والمكان.